للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غسق، ولا يجوز تفويت صلاة غسق الليل إلى الفجر لدلوك الغسق الليل، كما لا يجوز تفويت صلاة الفجر إلى غسق الليل (١). قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الصحيح: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وُترَ أهله وماله" (٢). وقال أيضًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من فاتته صلاة العصر فقد حبط عملُه" (٣). وهي الصلاة الوسطى، كما دلَّ على ذلك الأحاديث الصحيحة (٤)، وهي بين صلاتَيْ ليلٍ وصلاتَيْ نهارٍ.

فالحيّ القيوم سبحانه وتعالى الذي لا يزول ولا يأفل، فإن الآفل قد زال قطعًا، واسم "القيوم" تضمن أنه لا يزول، ولا ينقصُ شيءٌ من صفاتِ كمالِه، ولا يفنَى ولا يُعدَم، بل هو الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال موصوفًا بصفاتِ الكمال. وهذا يتضمن كونه قديمًا، فالقيوم يتضمن معنى القديم، وزيادات صفات الكمال دوامُها الذي لا يدلُّ عليه لفظ القديم. ويتضمن أيضًا كونَه موجودًا بنفسه، وهو معنى كونه واجبَ الوجود، فإن الموجودَ بغيره كان معدومًا ثم وُجِدَ، وكل مفعولٍ فهو مُحدَثٌ، وتقديرُ قديمٍ أزلي مفعولٍ كما يقوله بعض المتفلسفة باطلٌ في صريح العقل، وهو خلاف ما عليه جماهير العقلاء المتقدمين والمتأخرين.

فالقيوم الذي لم يزل ولا يزال لا يكون إلاّ موجودًا بنفسه،


(١) في الأصل: "صلاة غسق الليل إلى الفجر"، وهو تكرار لما سبق.
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٥) ومسلم (٦٢٦) عن ابن عمر، بلفظ "الذي تفوته ... ".
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٤) من حديث بريدة، بلفظ "من ترك صلاة ... ".
(٤) منها حديث علي عند البخاري (٢٩٣١) ومسلم (٦٢٧)؛ وحديث ابن مسعود عند مسلم (٦٢٨)؛ وحديث عائشة عند مسلم (٦٢٩)؛ وحديث البراء بن عازب عند مسلم (٦٣٠).