للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتبه الأخرى فلا يمكن استنباط التقدم والتأخّر في ضوئها، لأنّ المؤلف كثيراً ما يكرّر فكرة معينة في مؤلفاته وفتاواه، فلو استطعنا معرفة تواريخ بعضها فهذه لا تُرشدنا إلى تاريخ تأليف هذا الكتاب، وهل كان ذلك قبلها أو بعدها.

ولكني أكاد أجزم بأنه ألَّفه في أواخر حياته، وبالتحديد بعد سنة ٧١٢. والدليل على ذلك أن المؤلف أحال فيه (ص ١٩٧) إلى رسالته في معنى القياس، وهي عبارة عن جواب سؤال سُئِل فيه عما يقع في كلام كثير من الفقهاء من قولهم: هذا خلاف القياس. وكان السائل مجهولاً (١) حتى وجدت في إعلام الموقعين (١/ ٣٨٣) أن ابن القيم هو الذي كان وجَّه هذا السؤال إلى شيخه، كما ذكر ذلك بنفسه. ولشدّة إعجابه بهذا الجواب أورد معظمه في كتابه المذكور (١/ ٣٨٤ - ٤٠١ ثم ٢/ ٣ - ٣٨) مع التعليق عليه في مواضع.

وتفيدنا بعض المصادر (٢) أن ابن القيِّم لازم شيخه ستة عشر عاماً (أي ٧١٢ - ٧٢٨) حتى رافقه في سجنه في آخر حياته. وعلى هذا فيكون كتابه في معنى القياس من مؤلفات هذه الفترة قطعاً، ويكون الكتاب الذي بين أيدينا قد ألف بعده. وهذا يناسب ما ذكره بعضهم (٣) من أن شيخ الإسلام بعد رجوعه من مصر إلى الشام سنة ٧١٢ تفرغ للتأليف وكتابة الرسائل والأعمال العلمية الأخرى،


(١) في مجموع الفتاوى ٢٠/ ٥٠٤ وغيره بصيغة "سُئِل شيخ الإسلام ... ".
(٢) الدرر الكامنة ٣/ ٤٠١.
(٣) البداية والنهاية ١٤/ ٦٧ والعقود الدرية ٣٢١.