للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المضاربة (١)،/لأنَّ المالك لمَّا أَذِنَ فيه صار كالمضارب، وهو لم يعمل ليكون الربحُ للمالك كالمُبْضِع (٢)، فإنه لو فعل ذلك لكان الربح للمالك، وإنما اتَّجَر ليكون الربحَُ له أو بينهما، والمالكُ قد أجازَ بيعَه، ولم يُجزْه ليكون الربحُ كلُّه له، فيكون النماءُ حاصلاً بمالِ هذا وبيع هذا، وَالتصرُّفُ صحيحاً مأذوناً فيه، فيكون الربحُ بينهما. ومن قال: "يتصدَّقانِ به" جَعَلَه كغير المأذونِ فيه، فيكون خَبيثاً، وهو مُتَعَدٍّ، لأنّ الحقّ لهما لا يَعْدُوهما، فإذا أجاز التصرُّفَ جازَ.

وكذلك في جميع تصرُّف الغاصب، لاسِيَّما مَن لم يُعلَم أنَّه غاصبٌ، إذا تصرَّفَ في المغصوب بما أزال اسمَه، كطَحْنِ الحَبِّ ونَسْجِ الثوبِ ونحو ذلك، ففيه ثلاثةَ أقوالٍ في مذهب أحمد وغيره:

قيل: كلُّ ذلك للمالكِ دون الغاصب، وعليه ضمانُ النقص، كقول الشافعي.

وقيل: يملكه الغاصب، وعليه بَدَلُه، كقول أبي حنيفة.

وقيل: يُخير المالك بينهما، كقولِ مالك. وهذا أصحُّ (٣)، بناءً


(١) انظر أثر عمر والأقوال المذكورة هنا في مجموع الفتاوى ٣٠/ ٨٧، ٣٢٣، ٣٢٩.
(٢) كذا في الأصل. والمُبْضِع في اللغة: المُزَوِّج، من أبضَعَ المرأةَ أي زوَجَها. ولم يظهر لي وجه الشبه هنا.
(٣) ذكر المؤلف هذه الأقوال وصحح ما صححه هنا في: مجموع الفتاوى ٢٥/ ٥٦٢ - ٥٦٣. وانظر لهذه المسألة: الأم ٣/ ٢٢٧ والمدونة ٤/ ١٩٠ والمبسوط ١١/ ١٠٠، ١٠١.