للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عملَكمْ ورَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ) (١). فهذا ونحوه وإن ذُكِر فيه لفظ "السمع" و"الرؤية" فالمقصود لوازم ذلك، من إحصاء ذلك والجزاء عليه بالثواب والعقاب، وقد يكون المقصود بذلك قبول الدعاء، كقول الخليل: (إِنَ رَبِّى لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٩)) (٢)، وقول المصلي "سمع الله لمن حمده"، كما يُعنَى بالنظر نظر الرحمة والمحبة، كقوله (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) (٣). فهذه الأمور لما كانت من لوازم العلم والسمع والبصر، [و] من شأنه إحصاء الأعمال والجزاء عليها ونحو ذلك، صارت متضمنة لهذا المعنى. وكذلك المصاحبة لما كان لها لوازم -مثل معرفة الصاحب بحال صاحبه، وموالاته له، وموافقته له- دخلت هذه المعاني فيها حيث دلَّ عليه السياق.

ولفظ "مع" في الأصل يدل على المصاحبة، ويدل على لوازم هذا المعنى: من العلم الذي يتضمن الإحصاءَ والجزاء على الأعمال عمومًا، ومن الموالاة والمعونة والنصر الذي يختص المؤمنين ونحو ذلك، فقوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)) (٤) ذكر بعد أن أخبر بخلق السماوات والأرض واستوائِه على العرش أنه يعلم ما يدخل في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يصعد فيها، وأنه مع الخلق أينما كانوا، وأنه بكل شيء عليم. فدلّ هذا السياق على


(١) سورة التوبة: ١٠٥.
(٢) سورة إبراهيم: ٣٩.
(٣) سورة آل عمران: ٧٧.
(٤) سورة الحديد: ٤.