التجسيم الذي نفيتَه ليس بمنتفٍ، والنفاةُ القرامطةُ يقولون: التجسيمُ في إثباتِ الأسماء كالتجسيم في إثبات الصفات.
فإن قال المتفلسف: أنا أتأوَّل هذا كلَّه، وأتأوَّل ما وردَ في معادِ الأبدان.
قيل له: فتأوَّلْ ما وردَ في معادِ الرُّوح ونعيمها، وما ورد في إثباتِ واجب الوجود وعنايتِه وإبداعِه وعلمِه الكلّي ونحو ذلك، فالخطاب الوارد فيما نفيتَه أصرحُ من الخطاب الوارد فيما أثبتَّه.
فإن قال: ما نفيتُه يَستلزِمُ تركيبَ واجب الوجود.
قيل له: وكذلك ما أثبتَّه، ولا فرق، فإن الوجود والوجوب والعناية والعقل وأمثالَ ذلك مَعانٍ متميزة في العقل كتميُّزِ ما أثبتته الصفاتيةُ.
وقيل له: فتأوَّل العباداتِ كما تأوَّلَها القِرمطي.
فإن قال: العبادات قد عُلِمَ بالاضطرار أن الرسولَ أوجَبَها، أو ليس فيها ما يُنافي العقلَ.
قيل له: منازعوك من النفاةِ والمثبتةِ يقولون لك ذلك، فالمعتزلة وغيرهم يقولون: إن معادَ الأبدان قد عُلِمَ بالاضطرار أن الرسولَ قد أخبرَ به، والصفاتية يقولون: إن إثباتَ الصفات مما عُلِمَ بالاضطرار أن الرسول أخبرَ به، ويقولون لك: ليس في العقل منافاة لما أثبته من هذه الجزئيات، كما ليس في العقل منافاة لما أثبتَه من الكليات (١).
والقرامطة ينازعونك فيما أثبتَه حتى في النفس، فيقولون: لا يُقال هو