للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن قال من أهل الجدل والكلام: إنه يحدث النبات عند المطر لا به، فقد خالف نصَّ الرسول، مع مخالفته صريح المعقول، وكذلك في سائر ما يقوله، كقولهم: يحدث الشبع عند الأكل [لا] به، والزهوق عند القتل لا به، والهدى عند سماع القرآن لا به، فهذا النفي مخالف للكتاب والسنة والميزان للشرع، قال تعالى: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) (١)، وقال تعالى: (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا) (٢)، وقال تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ) (٣)، وقال: (أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا) (٤).

وكما أخبر أنه يخلق الأشياء من موادِّها، في مثل قوله: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (٥)، وقوله تعالى: (خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥)) (٦)، وقال: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (١٨)) (٧).

وأخبر سبحانه أنه قائم بالقسط وأنه لا يظلم الناس شيئا، فلا يضع شيئا في غير موضع، ولا يُسويّ بين مختلفين ولا يُفرِّق بين متماثلين، فقال تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) (٨) الآية. وقال تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا


(١) سورة المائدة: ١٦.
(٢) سورة البقرة: ٢٦.
(٣) سورة التوبة: ١٤.
(٤) سورة التوبة: ٥٢.
(٥) سورة الأنبياء: ٣٠.
(٦) سورة الرحمن: ١٤ - ١٥.
(٧) سورة نوح: ١٧ - ١٨.
(٨) سورة الجاثية: ٢١.