للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمدٍ بسبب الدين الذي جاء به، كما قال قوم فرعون في حق موسى، فقال الله تعالى: (فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨))، فإن محمدًا إنَّما جاءهم بالهدى والحق، وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر.

ثم قال (١): (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ) من نصرِ ورزقٍ ونحو (فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) من خوفِ وجَدْبِ وغير ذلك (فَمِنْ نَفْسِكَ) أي بذنوبك، وكان ذلك بقضاء الله وقدره، ولكن القدر نؤمن به ولا نحتج به، فليس للعبد على الله حجة، بل لله الحجة البالغة.

ونظير هذا قوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)) (٢)، وقوله: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦)) (٣) وقوله: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) (٤).

وفي الصحيح (٥): "إن الله يقول: يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثمّ أوفيكم إياها، فمن وَجَد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسَه". وفي سيد الاستغفار أن يقول العبد: "اللهُمَّ أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتَني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنعتُ، أَبُوءُ لك بنعمتك عليَّ، وأَبُوءُ بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". مَن قال ذلك إذا أصبحَ موقنًا به فماتَ من يومِه دخل الجنة، ومن قاله إذا


(١) سورة النساء: ٧٩.
(٢) سورة الشورى: ٣٠.
(٣) سورة الروم: ٣٦.
(٤) سورة آل عمران: ١٦٥.
(٥) مسلم (٢٥٧٧) عن أبي ذر.