للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان مائعًا فلا تقربوه". وقيل عنه: "وإن كان مائعا فاستصحبوا به". واضطرب عن معمر فيه.

وظنَّ طائفة من العلماء أن حديث معمر محفوظ، فعملوا به، وممن ثبَّته محمد بن يحيى الذهلي فيما جمعه من حديث الزهري.

وأما البخاري والترمذي وغيرهما فعلَّلوا حديثَ معمر وبيَّنوا غلطه، والصواب معهم (١). فذكر البخاري هنا عن ابن عيينة أنه قال: سمعتُه من الزهري مرارًا لا يرويه إلا عن عبيد الله بن عبد الله، وليس في لفظه إلا قوله "ألقوها وما حولها وكلوا"، وكذلك رواه مالك وغيره. وذكر من حديث يونس أن الزهري سئل عن الدابة تموت في السمن الجامد وغير الجامد، فأفتى بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح. فهذه فتيا الزهري في الجامد وغير الجامد، فكيف يكون قد روى في هذا الحديث استواء حكم النوعين بالحديث، ورواه بالمعنى فقال: "وأمر أن يطرح وما قرب منها"؟.

وروى صالح بن أحمد في "مسائله" (٢) عن أحمد قال: حدثنا أبي حدثنا إسماعيل حدثنا عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة أن ابن عباس سُئِل عن فارة ماتت في سمن، قال: تُؤخذ الفأرة وما حولَها.

قلت: يا مولاي! فإن أثرها كان في السمن كلِّه، قال: عضضتَ بِهَنِ أبيك! إنما كان أثرها في السمن وهي حية، وإنما ماتت حيث وجدت.

ثم قال: حدثنا أبي حدثنا وكيع حدثنا عن النضر بن عربي عن عكرمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فسأله عن جَرٍّ فيه زيت وقعَ


(١) انظر الكلام على هذا الحديث في "فتح الباري" (٩/ ٦٦٨ - ٦٦٩).
(٢) لم نجد النصوص المقتبسة منه في مطبوعته، فإنها ناقصة الأول والآخر.