للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فقهٌ في الدين". فإن حسن السمت صلاح الظاهر الذي يكون عن صلاح القلب، والفقه في الدين يتضمن معرفة الدين ومحبته، وذلك ينافي النفاق.

وقال الكفار لشعيب: (يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول) (١) مع أن شعيبًا خطيب الأنبياء.

وفي الصحيحين (٢) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "الناس معادنُ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا". وهذا إنما يكون بفهم القلب للحق، وأتباعه له.

وفي الصحيحين (٣) عن أبي موسى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأتْرُجَّةِ طَعْمها طيّبٌ وريحُها طيّبٌ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريحَ لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مرٌّ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مرّ ولا ريحَ لها". فهذا قارئ القرآن يسمعه الناس وينتفعون به وهو منافق، وقد يكون مع ذلك عالمًا بتفسيره وإعرابه وأسباب نزوله، إذ لا فرق بين حفظه لحروفه وحفظه لمعانيه، لكن فهم المعنى أقرب إلى أن ينتفع الرجل به، فيؤمن به ويحبه ويعمل به، ولكن قد يكون في القلب موانع من اتباع الأهواء والحسد والحرص والاستكبار، التي تَصُدُّ القلب عن اتباع الحق، قال تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ


(١) سورة هود: ٩١.
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٩٣، ٣٤٩٦، ٣٥٨٨) ومسلم (٢٦٣٨) من حديث أبي هريرة.
(٣) البخاري (٥٠٢٠ ومواضع أخرى) ومسلم (٧٩٧).