ولهذا سُمِّيَ صدّيقًا، وما جاء به الرسول فهو معصومٌ أن يَستقِرَّ فيه خطأٌ، فما يأخذُه الصديق فهو صِدقٌ كلُّه وحق كلُّه، وأما المحدّث الذي يأخذُ عن قلبه فقلبُه قد يُصيبُ وقد يُخطِيءُ، فيجبُ على كلِّ محدَّث ومُكاشَفٍ أن يَعرِضَ ما وَقَعَ عليه على الكتاب والسنة، فإن وَافقَ ذلك وإلاّ ردَّه، كما قال الشيخ أبو سليمان الداراني: إنه لَيَمُرُّ بقلبي النكتةُ من نكتِ القوم، فلا أقبلُها إلا بشاهدينِ اثنين: الكتابِ والسنةِ. وقال: ليس لمن أُلْهِمَ شيئًا من الخير أن يعملَه حتى يَسمَعَ فيه بأثرٍ، فإذا سَمِعَ بالأثر كان نورًا على نورٍ.
وقال الجنيد بن محمد: عِلْمُنا هذا مُقيَّدٌ بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتبِ الحديثَ لا يصلحُ له أن يتكلم في علمنا.
وقال سهل بن عبد الله التُّسْتَرِي: كل وَجْدٍ لا يَشهد له الكتابُ والسنة فهو باطل.
وقال أبو عمرو بن نُجَيد أو غيرُه: من أَمَّر السنّةَ على نفسه قولاً وفعلاً نطقَ بالحكمة، ومن أَمَّرَ الهوى على نفسِه قولاً وفعلاً نطقَ بالبدعة، لأنّ الله يقول:(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)(١).
ومثلُ هذا كثير في كلام المشايخ، فما يُلقَى لأهل المكاشفات والمخاطبات من المؤمنين هو من جنس ما يكون لأهل الرأي والقياس من العلم منهم، وكلُّ ذلك فيه حق وفيه باطل، وليس أحدٌ منهم معصومًا، وكلٌّ منهم عليه أن يَزِنَ ذلكَ بالكتاب والسنة والإجماع،