للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخرة، وله الحكم وإليه يرجعون. لا رب غيره ولا إله إلا هو، كما أنه هو المنعم بالنعمة، والمنعم بالشكر عليها، والمنعم بجزاء الشاكرين. ولهذا التوحيد أسرار علويةٌ مذكورة في غير هذا الموضع، تتعلق بتحقيق مسائل الصفات والشرع والقدر ليس هذا موضعها، قد نبهنا إليها في غير هذا الموضع.

فمن سوى بين ... (١) كان من جنس الذين قال فيهم (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) (٢)، فإن هؤلاء المجادلين جعلوا اقتراضه كاقتراض المخلوق من المخلوق لحاجته، وكيف يقترض من هو خالق المقترض والمقرض وخالق أعيان ذلك وصفاته وأفعاله، فمن جهة الربوبية العامة الشاملة للبر والفاجر جمع المقرض، ولكن تصح من جهة الألوهية التي أقر بها أهل التوحيد الذين يشهدون أن لا إله إلا هو، وأنه المستحق للعبادة والطاعة دون من سواه، فيكونون عابدين له بالجهاد، ولهذا كان الكفار رحمة في حق المؤمنين الذين جاهدوهم فنالوا بجهادهم أعلى الدرجات، وكذلك وجود الفجار في حق من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر حتى ينال أعلى الدرجات. وكذلك وجود الفقراء في حق الأغنياء الذين بهم حصل لهم ثواب الصدقات، والله قد ابتلى بعضنا ببعض، فمن أعانه على أن أطاعه في الابتلاء كان الابتلاء رحمة في


(١) بياض في الأصل بقدر كلمة.
(٢) سورة آل عمران: ١٨١.