للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقه، بخلاف من خذله فعصاه. ويشهد لهذا الحديثُ الذي في صحيح مسلم (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن بقضاءٍ إلا كان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سَرَّاء فشكر كان خيرًا له، وإن أصابته ضَرَّاء فصبر كان خيرًا له". فالمؤمن الذي منّ الله عليه بالشكر والصبر يكون جميع القضاء خيرًا له، بخلاف من لم يشكر ولم يصبر.

الوجه الثاني من الفرق: أن الله إذا أمر العباد بأمر فهو الذي يعينهم على طاعته فيه، فهو الآمر، وهو الخالق للمأمور والمأمور به لذاته وصفاته وأفعاله، فله الحمد في خلقه وأمره، والعبد إذا أمر العبد كأمر السيد عبده فهو محتاج إلى ما أمره به، وليس هو خالق أفعاله، بل إنما يفعله العبد بإعانة الله له، ولكن على السيد نفقته وكسوته بالمعروف، فالأمر بينهما فيه معاوضة. وكذلك معاملة المخلوق للمخلوق فيها معاوضة من الطرفين، هذا يعين هذا بما لا يقدر عليه هذا، وهذا يعين هذا بما لا يقدر عليه هذا، حتى تتم مصلحتها في الدنيا والآخرة، والخالق تعالى هو المعين للجميع، الخالق المحسن إلى الجميع، وأعظم نعمته عليهم أن أمرهم بالإيمان وهداهم إليه، فهؤلاء همِ أهل النعمة المطلقة المذكوريِن في قوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (٧)) (٢)، كما قال تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ


(١) برقم (٢٩٩٩) عن صهيب، مع اختلاف في اللفظ.
(٢) سورة الفاتحة: ٦ - ٧.