للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) (١)، وأنواع ذلك مما يحقق فيه أنه عبد الله، مطيع لربه، مبلِّغ لرسالته، وأن الله هو الذي يخلق ويرزق ويعطي ويمنع ويهدي ويضل. كما كان يقول في دبر الصلوات: "اللهمّ لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا مُعطيَ لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ" (٢). وكان ما فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو أكمل المقامات، وأعلى الدرجات، وهو بذلك سيد ولد آدم، وخير الخلق، وأكرمهم على الله، إذ ليس بين الخالق والمخلوق إلا نسبة العبودية، فمن كانت عبوديته لله أكمل كان عند الله أفضل، (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢)) (٣)، (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) (٤).

فبين أن المخلوق ليس له ملك، ولا شريك في الملك ولا ظهير يعين الملك، بل غايته الشفاعة عند الله، ولكن الشفاعة لا


(١) سورة الأعراف: ١٨٨.
(٢) أخرجه البخاري (٨٤٤ ومواضع أخرى) ومسلم (٥٩٣) عن المغيرة بن شعبة.
(٣) سورة النساء: ١٧٢.
(٤) سورة سبأ: ٢٢ - ٢٣.