للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُجمع عليه أن الوارثَ أحقُّ بها بالخراج، وذلك لأن إعطاءَها لمن أُعطِيَتْه بالخراج قد قيل إنه بيع بالثمن المقسط الدائم كما يقول بعض الكوفيين، وقد قيل: إنه إجارة بالأجرة المقسطة المؤبَّدة المدة كما يقول أصحابنا والمالكية والشافعية. فكلا القولين خرج في قوله عن قياس البيوع والإجارات.

فالتحقيق أنها معاملة قائمة بنفسها، ذات شَبَه من البيع دون الإجارة، ويشبه في خروجها عنها المصلحة على منافع مكانه للاستطراق أو إلقاء الزبالة أو وضع الجذوع ونحو ذلك بعرض ناجز، فإنه يملك العين مطلقًا ولم يستأجرها، وأما ملك هذه المنفعة مؤبدة.

وكذلك وضع الخراج، ولو كان إجارة محضة، وكان عمر وغيره قد تركوا الأرض للمسلمين وأكروها لكان ينبغي إكراه المساكن أيضًا، لأنها للمسلمين إذ فُتِحَتْ عنوة، ولكان قد ظلم المسلمين، فإن كَرِى الأرضِ يُساوِي أضعافَ الخراج، ولكان على المشهور عندهم، ولا يستحق الآخذون ما في الخراج من الشجر القائم ومن النخيل والأعناب وغيرها، كمن استأجَر أرضًا فيها غراس، ولكان دفعها مساقاة مزارعةً كما فعل المنصور أو المهدي في أرض السواد -أنفعَ للمسلمين اقتداءً بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أرض خيبر، فإنه لا فرقَ إلاّ أن مُلَاّك خيبر معيّنون وملاّك أرض العنوة العمرى مطلقون، وإلاّ فيجوز للمالك أن يؤاجر، ويجوز لربّ الأرض الموقوفة أن يعامل مساقاة ومزارعة.