المنفعة للحج والجهاد وللمرور في الطرقات أو للتعليم أو التعبد ونحو ذلك.
فإذا قال: البناءُ لي، قيل له: والعرسة ليست لك، وأعيان الحجر ليست لك، التأليف أو التأليف والابعاض مما ليس لك، لا يجوز لك أن تعاوض عنه، وما هو لك فقد اعتضتَ عنه بتقديمك في الانتفاع بالعرصة.
أو لأن المكي لما صار الناس يهدون إليهم الهدايا ويجب عليهم قَسْمُها فيهم صارَ يجب على المكيين إنزال الناس في منازِلهم، مقابلةَ الإحسان بالإحسان. فصاحب الهَدْي له أن يأكلَ منه مثلاً حيث يجوز، ويُعطي من شاء ولا يعتاض عنه، وكذلك صاحب المنزل يَسْكُنُه ويُسْكِنُه ولا يعتاضُ عنه.
وهذا المعنى الذي قد ذكرناه هو السبب الموجب لإبقائها بيدِ أربابها من غيرِ خراجٍ مضروب عليهم أصلاً، لأن للمقيمين بمكة حقًّا وعليهم حقًّا وليست لغيرها من الأمصار، ومن هنا يصير التعليل بفتحها عنوةً متناسبًا لمنع إجارتها كما ذكرناه لإلحاقها بسائر أرض العنوة.
فإن قيل: فالأرض إذا فُتِحتْ عنوةً يجوز أمانُ أهلِها على نفوسهم وأموالِهم كذلك؟
قيل: نعم يجوز قبل الاستيلاء أن يؤَمَّن من تركَ القتالَ على نفسه ومالِه، لما فيه من الانتفاع بتركِ قتالِه، وهو أمان بشرط.