للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدَه بين كتفي حتى وجدتُ بَرْدَ أناملِه على صدري" (١) فهذه كانت في المنام، فإن هذه لم تكن ليلةَ المعراج لأنها كانت بالمدينة، فإنّ فيها أنه احتبسَ عنهم في صلاة الفجر، ورواها معاذ بن جبل وأم الطُّفيل وغيرهما ممن لم يُصلِّ خلفَه إلاّ في المدينة، والمعراجُ كان بمكة بنصِّ القرآن وبالسنة المتواترة والإجماع، ولم يقل أحدٌ: إنه رآه بالمدينة.

فأما الأحاديث التي رُوِي فيها أنه رآه في سِكَكِ المدينة أو في الطواف أو في عرفةَ فكلُّها موضوعة مكذوبة (٢).

والغرض هنا أنه لم يقل قطُّ مسلمٌ: إن الله عَرَضَ نفسَه على معلوماتِه أو مخلوقاتِه، ولا إنه تجلَّى لمعلوماتِه أو لجميع مخلوقاتِه، بل موسى قد سألَ الرؤيةَ فقال: (لَنْ تَرَانِي) (٣)، وقال: (وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) (٤). فإذا كان موسى عليه السلام عجزَ عن


(١) أخرجه أحمد (٤/ ٦٦، ٥/ ٣٧٨) عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرفوعا مطولا. وأخرجه أحمد (٥/ ٢٤٣) والترمذي (٣٢٣٥) عن عبد الرحمن بن عائش عن مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل قال، فذكره بطوله. وصححه الترمذي والبخاري. وأخرجه أحمد (١/ ٣٦٨) والترمذي (٣٢٣٣، ٣٢٣٤) عن ابن عباس.
(٢) انظر "الموضوعات" لابن الجوزي (١/ ١٢٤ - ١٢٥) و"اللآلئ المصنوعة" (١/ ٢٧ - ٣٠).
(٣) سورة الأعراف: ١٤٣.
(٤) سورة الأعراف: ١٤٣.