للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رؤيتِه في هذه الدار، والجبل جعلَه دَكًّا لما تجلى له، وقوله (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) يدلُّ على أنه لم يكن متجليًا له قبل ذلك= فكيف يقال: إنه عرضَ نفسَه أو تجلَّى للكلاب والخنازير والقرود والديدان والكفار والمنافقين والجنّ والشياطين؟ كما قال: "عرضَ نفسَه على الحقائق الكونية المعدومة في نفسها المشهودة أعيانُها في علمه"، فإن علمه محيطٌ بكل شيء مما ذكر ومما لم يذكر، فإن كان قد عرض نفسه على ذلك كلّه فقد لَزِمَ ما ذكر من الكفر الفاحش وما هو أفحش منه.

ثمّ وأيضًا فإنّ المعلوم قبل وجودِه ليس هو سببًا موجودًا ثابتًا يُعرَضُ فيه شيءٌ أو يتجلى له شيءٌ أصلاً، فإن الله يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، كالجمل الشرطية المعلقة بشرط معدوم مثل قوله: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ) (١)، وقوله: (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ) (٢)، وقوله: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا) (٣)، وقوله: (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا) (٤)، (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)) (٥)، (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (٦) ونظائره متعددة.


(١) سورة الأنفال: ٢٣.
(٢) سورة الأنعام: ٢٨.
(٣) سورة التوبة: ٤٧.
(٤) سورة السجدة: ١٣.
(٥) سورة النساء: ٨٢.
(٦) سورة الأنبياء: ٢٢.