للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصنوع هو الوجود الخالق. ثُمَّ قد علموا أنّ ثَمَّ خالقًا ومخلوقًا، فاضطربوا هنا:

فأما صاحب "الفصوص" فإنه يقول: أعيان الممكنات ثابتة في العدم، كما يقول من يقول من المعتزلة والشيعة: إن المعدوم شيء، ويقول: إن نفسَ وجود الحقّ فاضَ عليها وظهرَ فيها، فوجودُها هو وجود الحقّ، وذاتها ليست ذات الحق، ويقول: ما كنتَ به في ثبوتك ظهرتَ به في وجودك، وإنّ الله ما أحسن إلى أحدٍ ولا أنعمَ على أحد، وإنما الذوات الثابتة في العدم هي المحسنة المسيئة بما قبلتْه في فيض وجود الحق عليها. ويجعل أسماء الله هي النسبة بين وجوده وبين ثبوت الممكنات.

وهذا القول كفرٌ، وهو باطلٌ من وجهين:

من جهة أنه جعلَ المعدومَ شيئًا ثابتًا، وفرَّق بين الثبوت والوجود، فإن هذا قول باطل وفرق فاسد، وشبهتُه ثبوتُها في علم الحقّ، ولا يلزم من علم الحقّ بها ثبوتُها في نفسها ولا وجودُها.

الوجه الثاني: أنه لو فُرِض أن الأعيان ثابتة فليس وجودها وجودُ الحقّ، بل الِربُّ أبدعَ وجودَها وخلقها، كما قال تعالى: (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠)) (١)، وقال: (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٢).

وهكذا يقول من يقول بأن المعدوم شيء من المعتزلة وغيرهم،


(١) سورة طه: ٥٠.
(٢) في مواضع كثيرة من القرآن.