يقولون: إنه خلقَ وجودَه، لا يقولون: إن وجوده هو نفس وجود الحق.
وأما سائر الاتحادية فلا يفرقون بين الوجود والثبوت، ولا يقولون: إن المعدوم شيء، بل منهم من يفرِّق بين الوجود المطلق والمعين، كالقونوي فإنه يقول: الحق هو الوجود المطلق، فإذا تعيَّن لم يكن هو الحقّ. وعلى قول هذا ليس لله وجودٌ إلاّ ما يقوم بالمخلوقات، فلو زالت لزال وجودُها. وهو أيضًا جَحْدٌ لربّ العالمين في الحقيقة، وإثباتٌ للوجود الذي أقرَّ به فرعون.
وأصحاب هذا القول والذي قبلَه يُفرِّقون بين المظاهر والمراتب والمجالي وبين الظاهر المتجلِّي، فيقولون: ظهرَ وجودُه في أعيان الممكنات -على رأي صاحبه "الفصوص"، أو ظهرَ الوجودُ المطلقُ في المتعينات- على رأي صاحبه الرومي.
وأما التلمساني وغيرُه فعندهم ما ثمَّ غيرٌ ولا سِوى بوجهٍ من الوجوه، ولا يُفرّقون بين المطلق والمعيّن والوجود والثبوت، بل هو الله عندهم كالبحر وأمواجه. وهم تارةً يُشبِّهون الله بالشمع والفضّة الذي يظهر في صورٍ مختلفة وهو هو.
ثم يقول الرومي: هو المادة المشتركة المطلقة، وأما أعيان الصور فليس هو. وأما ابن العربي فيشبهه بظهور النور في الزجاج، يظهر في كل زجاجة بحسب لونها، وهو واحدٌ في نفسه. وأما التلمساني ونحوه فأبلغ من هؤلاء.