هذا؟ هذا شيء لم نذكره ولم نَقصِده، فمنعُه منعُ شيء أجنبي خارج عن كلامنا، وهذا منع لا توجيهَ له.
ونقول ثانيًا: نحن قررنا بطلانَ التأويل وفساده، لم نتعرض لتحريمه بنفي ولا إثبات، والكلام في صحة التأويل وفسادِه غيرُ الكلام في حله وحَظْرِه، ولا يلزم من عدم تحريم الاجتهاد والإفتاء والحكم أن يكون الاستدلال والفتيا والقضاءُ صحيحًا، كذلك لو فرضنا جواز الإقدام على هذه التأويلات لم يلزم أن تكون صحيحةً، بل جاز أن تكون باطلةً، يعني أنها غير مطابقة لمراد المتكلم، سواء كان آثمًا أو معفوًّا عنه أو مأجورًا.
ونقول ثالثًا: التأويل الذي نتكلم فيه هو صرفُ الكلام [من] الاحتمالِ الراجح إلى المرجوح لدليل يعتضد، كما تقدم بيانه.
وكلّ تأويل فإنما هو بيان مقصودِ المتكلم أو مرادُه بكلامه، ومعلومٌ أن العقل وحده لا يَشهد بمعرفةِ مقصود المتكلم ومرادِه، فإن دلالة الخطاب سمعية لا يستقلُّ بها العقلُ، نعم العقلُ أخذَ باستفادته هذه الدلالة، فإذا انضمَّ [إلى] المعقول العلمُ بلغة المتكلم وعادتِه في خطابه فقد يَحصُل بمجموع هذين العلمين العلمُ بتأويلِ كلامِه، نعم قد يُعلَم بالعقلِ وبأدلةٍ أخرى أن المتكلِّم لم يُرِد معنًى من المعاني، سواء قيل: إنه ظاهر اللفظ، أو قيل: إنه ليس بظاهره، كما يعلم أن الله لم يُرِد بقوله:(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)(١) أنها أوتيتْ مُلْكَ