للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السماوات وملكَ سليمان وفَرْجَ الرجل ولحيتَه؛ ولم يُرِد بقوله: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) (١) أنها تُدمر السماوات والجنة والنار؛ ولم يُرِدْ بقوله: (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (٢) شمولَ ذلك للخالق بصفاتِه. ونعلم أن الله لم يُرِد بقوله: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (٣) يَدَيْنِ مثل يَدَي الإنسان، ولم يُرِد بقوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٤) نفيَ الصفاتَ المذكورة في الكتاب والسنة.

فإذا كان العقلُ وحدَه يَشهد بصحة تأويلٍ، وإنما قد يَشهدُ بعدمِه، فالتأويل الذي يدَّعي صاحبُه أنه عَلِمَ بمجردِ العقل صحتَه تأويلٌ مردودٌ محرمٌ. نعم إن فَسَّرتم كلامَكم أن العقلَ بما استفاده من العلوم السمعية وغيرِها يعلم صحةَ التأويل، فهذا حقٌّ وإن لم يكن ظاهرُ اللفظ دالاًّ عليه، ونحن ما حكينا تحريمَ مثلِ هذا التأويل عن أحدٍ، ولا يَمنعُ تحريمَه كلامٌ آخر.

وسنتكلم -إن شاء الله- عليه متبرعين، فإنّ الغرضَ تقريرُ الحقائق وتحصيلُ الفوائد، لا ما يَقصِده المبطلون من التجاهل والتعانُد.

ونقول رابعًا: قولكم "عند الحاجة إليه" موافقة لما يقوله كثير من الناس من [أنّ] التأويل اضطرَّ إليه العلماء، وبيانُ ذلك أنّا إذا علمنا بالأدلة العقلية والسمعية مثلاً انتفاءَ أمرٍ من الأمور، ورأينا بعضَ


(١) سورة الأحقاف: ٢٥.
(٢) سورة الأنعام: ١٠٢.
(٣) سورة ص: ٧٥.
(٤) سورة الشورى: ١١.