للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فقد ثبتَ في الصحيح (١) أنهم لما صَلَّوا خلفَه قيامًا وهو قاعدٌ لمرضِه قال: "لا تُعظِّموني كما تُعظِّم الأعاجمُ بعضُها بعضًا".

فنهاهم أن يقوموا -مع أنّ قيامَهم كان لله- لئلاّ يُشبِهوا مَن يقوم له.

وقال: "اللهم لا تجعلْ قبري وثنًا يُعبَد" (٢).

وفي الصحيحين (٣) عنه أنه قال [في] مرض موته: "لعنَ الله اليهودَ والنصارى اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ" يُحذر ما فَعَلُوا. قالت عائشة (٤): ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذَ مسجدًا.

وفي السنن (٥) عنه أنه قال: "لا تتخذوا بيتي عيدًا، وصَلُّوا عليَّ حيثما كنتم، فإن صلاتكم تَبلُغني".

وفي الصحيح (٦) عنه أنه قال: "لا تُطْرُوني كما أَطْرتِ النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا [عبدٌ] فقولوا: عبد الله ورسوله".

فهذه النصوص وغيرُها تُبيِّن أنه نهاهم عن الشركِ به والغُلوِّ فيه، وسَدَّ هذه الذريعةَ بنَهْيِهم أن يتخذوا قبرَه مسجدًا، وأن يقولوا


(١) أخرجه مسلم (٤١٣) عن جابر بمعناه.
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٢٤٦) والحميدي في مسنده (١٠٢٥) بإسناد صحيح عن أبي هريرة.
(٣) البخاري (٤٣٥، ٤٣٦ ومواضع أخرى) ومسلم (٥٣١) عن عائشة وابن عباس.
(٤) أخرجه البخاري (١٣٣٠، ١٣٩٠، ٤٤٤١) ومسلم (٥٢٩).
(٥) أخرجه أبو داود (٢٠٤٢) وأحمد (٢/ ٣٦٧) بسند حسن عن أبي هريرة.
(٦) أخرجه البخاري (٣٤٤٥، ٦٨٣٠) عن عمر بن الخطاب.