للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "رَبح البَيع أبا يَحْيَى" (١).

ورَوَى أحمد (٢) بإسنادِه أن رَجُلاً حَمَلَ وحدَه على العدو، فقال الناس: أَلْقَى بيَدِهِ إلى التَهْلُكة، فقال عمر: كلاّ بل هذا مِمَّن قال الله فيه: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)).

وقولَه تعالى: (يَشْرِي نَفْسَهُ) أي يبيع نفسه، يُقال: شراه وباعَه سواء، واشتراه وابتاعَه سواء، ومنه قوله: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ) (٣) أي باعوه. فقوله: (يَشْرِي نَفْسَهُ) أي يبيعُ نفسَه لله تعالى ابتغاءَ مرضاته، وذلك يكون بأن يبذل نفسه فيما يُحبُّه الله ويرضاه، وإن قُتِلَ أو غَلَبَ على ظنِّه أنه يُقْتَل. كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٢)) (٤).

وهذه الآية وهي قوله: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ


(١) انظر تفسير الطبري (٢/ ١٨٦ - ١٨٧) وابن كثير (٢/ ٥٢٥).
(٢) لم أجده في "مسنده". وانظر المصدرين السابقين.
(٣) سورة يوسف: ٢٠.
(٤) سورة التوبة: ١١١ - ١١٢.