للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمْوَالَهُمْ) تدلُّ على ذلك أيضًا، فإنَّ المشترِي يسلم إليه ما اشتراه، وذلك ببذل النفس والمال في سبيل الله وطاعته، وإن غَلَبَ على ظنِّه أن النفس تُقْتَل والجواد يُعقَر، فهذا من أفضل الشهادة، لما روى البخاري في "صحيحه" (١) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما مِن أيَّامٍ العملُ الصالحُ فيها [أَحَبُّ] إلى الله مِن هذه الأيَّامِ" يعني أيام العَشْرِ. قالوا: يا رسولَ الله! ولا الجهادُ في سبيلِ الله؟ قال: "ولا الجهادُ في سبيلِ الله إلا رجل خَرَجَ بنفسِهِ ومالِه ثم لم يَرجِعْ مِن ذلك بشيءٍ". وفي رواية (٢): "يعقر جواده وأهريق دمه".

وفي "السنن" (٣) عن عبد الله بن حُبْشيٍّ أنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: "طُولُ القِيام". قيل: أَيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: "جَهْدُ المُقْلِّ". قيل: فأيُّ الهِجْرَةِ [أفضلُ؟ قال: "مَن هَجَرَ ما حَرَّمَ الله عليه".

قيل: فأيُّ الجهاد أفضلُ؟] قال: "مَن جاهَدَ المشركينَ بنفسِه ومالِه".

قيل: فأيُّ القتلِ أشرفْ؟ قال: "مَن أهريقَ دمُه وعُقِرَ جوادُه".

وأيضًا فإنَّ الله سبحانه قد أخبر أنه أَمر خليله بذبح ابنه ليبتليه هل يَقْتُل ولدَه في محبَّة الله وطاعتِه؟ وقَتْلُ الإنسان ولدَه قد يكون أَشَقَّ عليه من تَعْريضِه نفسه للقتل، والقتالُ في سبيل الله أحَبُّ إلى


(١) برقم (٩٦٩) نحوه. واللفظ المذكور عند أحمد (١/ ٢٢٤، ٣٤٦) وأبي داود (٢٤٣٨) والترمذي (٧٥٧) وغيرهم.
(٢) أخرجها الطبراني في "الصغير" (٨٨٩).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٤١١) والدارمي (١٤٣١) وأبو داود (١٣٢٥، ١٤٤٩) والنسائي (٥/ ٥٨، ٨/ ٩٤).