للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهما من الفعل ما لا يقوم بذات الآخر، فليس فعلهما واحدًا بل متعددٌ.

وأما المفعول، وهو أثر فعلهما، وهو ما قام بالمحمول من الحمل، فأثرُ فعلِ أحدهما الموجود في المحمول ليس هو أثر فعل الآخر، بل هو غيره، والمحمول لم يكن محمولاً بفعل هذا وحده وأثره، ولا بفعل هذا وحده وأثره، بل بالمجموع، فليس كل منهما فاعلاً بل جزء فاعل، والفاعل مجموعهما، وليس كل منهما مستقلأً بالحمل في مثل هذا، بل المعلوم بالاضطرار أن المفعول بين فاعلين لا يكون كل منهما مستقلاًّ به، فإن المستقل هو الذي يفعل الفعل وحده، فإذا قُدّر أن له فيه شريكًا وقيل مع ذلك: إنه مستقل، كان جمعًا بين النقيضين، وكان التقدير أنه ما فعله إلا وحده، وأنه ما فعله إلا هو وغيره، فيكون فيه إثبات فعل الغير، وهذا جمعٌ بين النقيضين.

وإذا لم يكن أحدهما مستقلأّ بالفعل في صورة التعاون، فهل يقال: لو انفرد أحدهما لاستقلَّ به؟

هذا قد لا يمكن في صور كثيرة، وفي صورٍ يمكن، كأن يكون حينئذ الفعلُ الموجود من المستقل أكملَ منه إذا كان له معين وشريك.

وأما أن يقال: فعله إذا كان له شريك معاون، مثل فعله إذا كان مستقلاًّ، فهذا باطل، وفيه جمعٌ بين النقيضين أيضًا، لأنه إذا كان له شريك معاون، وقُدِّر أن المفعول الموجود معه هو مثل الموجود في صورة الاستقلال سواء، فإن لم يكن لهذا الشريك تأثيرٌ فيه لم يكن شريكًا، وإن كان له تأثيرٌ فقد فعل بعض المفعول، فلا يكون إلا فاعلاً