ومن الممتنع أن يكون بأنه يفعل الجميع وحده، مساويًا لما به يفعل البعض من القدرة والعمل إذا كان له شريك، بل هو أكمل معه، كما نجده في الواقع أن الإنسان إذا فعل عملاً وحده ما كان يفعله هو وشريكه بغير عمله، ولم يكن حالى الانفراد مثله حال الاشتراك، كما يظهر ذلك في الاشتراك المعوق، كازدحام الرؤساء، فإنه إذا زال الشريك حصل بانفراد الرئيس راحة له وتمكن. كما يتمكَّن الشريكُ من التصرف في الملك المشترك إذا صار له وحده ما لم يكن يتمكَّن حين كان معه شريكه، وقد يعجز عن أن يفعل وحده ما كان يفعل هو وشريكه، وقد يَقدِر لكن بنوع من زيادة العمل، وهذا كله موجود.
والمقصود هنا أنه من البيّن في بدائه العقول عند وجود التصرف أن الفعل الواحد لا يكون من فاعلين، ولا المقدور من الواحد قادر بينهما، لما اشتركا فيه وُجدَ من كل منهما بعضُه لا كله، إذ صدوره من كل منهما جمع بين النقيضَين، وبذلك يتبين أن الاشتراك في الفعل في كل من الشريكين، فإنه إذا لم يكن قادرًا على الفعل وحده كان عاجزًا، وإن كان قادرًا على العمل وحده فوجود الآخر معه منعه عن نفاذ قدرته، إذ هو لا يمكن مع معاونة الآخر أن يفعل الفعل كله، بل بعضه، فإن كان الكل مقدورًا كان ممنوعًا، وإن لم يكن الكل مقدورًا كان عاجزًا، والممنوع كالعاجز، فالمشاركة في العمل تقتضي عجز كل منهما، وعدم كمال قدرته على ذلك العمل حين الاشتراك. وهذا تمانع بأن المنع من فعل البعض كالمنع من فعل الجميع، فظهر أن الاشتراك