للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمقصود هنا أنه سبحانه كما أنه واجب بنفسه، فهو محبوب لنفسه، مَثنيّ على نفسه، ومن هذا صلواته بثنائه على نفسه وطلبه من نفسه، وهذا غير صلاته على عباده. ٠. (١) يحب ما أمر به، ويحب عباده المؤمنين.

وقد خلق الخلق لعبادته، كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧)) (٢)، وفي الصحيحين (٣) عن معاذ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "أتدري ما حقّ الله على عباده؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "حقهم عليه أن لا يعذبهم".

وفي الحديث الذي رواه الطبراني في كتاب الدعاء (٤) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:"يقول الله: يا عبدي! إنما هي أربعة: واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك، وواحدة بينك وبين خلقي، فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئًا، وأما التي لك فعملك أجزيك به أحوج ما تكون إليه، وأما الذي بيني وبينك فمنك الدعاء وعليَّ الإجابة، وأما التي بينك وبين خلقي، فأتِ إلى الناس ما تُحِبُّ أن يُؤتَى إليك".

فهو سبحانه قد جعل عبادته حقاً له على عباده، كما بيّن أنه خلقهم


(١) هنا بياض في الأصل بقدر كلمة.
(٢) سورة الذاريات: ٥٦، ٥٧.
(٣) البخاري (١٢٨، ١٢٩) ومسلم (٣٠).
(٤) سبق تخريجه. وفي الأصل: "باب الدعاء".