أما أولاً فلأن ذاته ليست فعلَه ولا نتيجة فعلِه، فيمتنع أن تكون هي الغاية المقصودة بفعله.
وأما ثانيًا فلأنه يمتنع أن يكون الشيء الواحد علةً معلولاً، فاعلاً مفعولاً، وقاصدًا ومقصودَا كما تقدم بيان ذلك.
وإذا امتنع أن تكون ذاته هي العلة الغائية لذاته ولفاعله، امتنع أن تكون هي العلة الغائية لغيره بطريق الأولى، وهو وإن كان قد يفعل للذة التي تحصل فتكون لذاته غاية له، كما يكون قصده سببًا لفعله، فيمتنع أن تكون نفسُ لذته غايةً مقصودةَ لغيره. كما يمتنع أن يكون مجرد قصده قصدًا لغيره، إذ الشهوة واللذة القائمة بالشيء، وهي القصد والغاية، لا تكون بعينها شهوةً لغيره ولذةً له وقصدًا له وغايةً، ولكن يكون له نظيرها، وذلك لا يوجب أن يكون هو المقصود.
ويمكن أيضًا أن يكون في ذاته ما يكون مقصودًا بقصد لأمرٍ آخر، كما هو الموجود في كل المحبوبات من المخلوقات، فإنها تُحَبُّ لأمرٍ آخر لا يصلح أن تكون هي منتهى المراد المقصود، ومن أحب مخلوقًا جعله غايةَ المطلوب المراد، فهذا هو الفساد الذي بينته.
كما أن من جعله هو الرب المحدث، فهذا فساد أيضًا، ولكن كما أنه يكون مُحدَثًا بفاعل غيره خلقه، كذلك يكون مقصودًا لمقصود آخر هو المعبود، كما يحب الأنبياء أو المؤمنون لله، وكما يطاعون لطاعة الله.
وما تحبه النفوس من المطاعم والمشارب والمناكح فإنه مقصود لغيره، وهو صلاح الأجساد، ومثل الذات التي يستعان بها على