للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحيح (١) عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "يقول الله تعالى: أنا أغنَى الشركاءِ عن الشرك، من عَمِلَ عملاً أشرك فيه غيري فأنا منه بريء، وهو كله للذي أشرك " أي أشركه، فإنه سبحانه لا شريك له، فكما لا يجوز أن يكون معه شريك في فعله لا يصلح أن يجعل له شريك في قصده وعبادته، قال الله تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)) (٢)، وقال تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا) (٣)، وهذا كثير في القرآن، بل هو المقصود الأعظم بتنزيل القرآن.

والمقصود هنا أن الفعل الواحد كما لا يتصور أن يكون من اثنين لا يتصور أن يكون لاثنين، فمن عمل لله ولغيره فما عبدَ الله ولا عَمِلَ له عملاً، كما أن ما تعاون عليه اثنان فما فعله أحدهما، ولا هو ربه، فكما أنه لو قُدّر أن معه شريكًا في الفعل لم يكن هو رب ذلك المفعول ومليكه، فكذلك إذا جُعِلَ له شريك في القصد والعمل، لم يكن هو إله ذلك العابد ولا معبوده، فلا يتقبل ذلك العمل، وإنما يتقبل ما كان خالصًا لوجهه.

يُوضِّح هذا أنه هو الرب المليك الخالق، فلو قُدِّر في الذهن أن معه شريكًا في الفعل امتنع أن يكون هو ربه ومليكه وخالقه، واذا امتنع


(١) مسلم (٢٩٨٥).
(٢) سورة سبأ: ٢٢.
(٣) سورة الزمر: ٢٩.