للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه من إخلاص العبادة لله والطمأنينة بذكره، كما ذكر الله ذلك في كتابه عن امرأة العزيز والنسوة اللاتي كن مشركات، وأخبر عن نوع هؤلاء بالسكر والجهل كما في قوله تعالى: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١).

وبهذا الفرقان يتبين أن القول الحق أنه لا إله إلا الله، مع كون المخلوقات فيها ما اتخذ آلهة من دون الله، فإن الإله يجب أن يكون معبودًا، وهو المعبود لذاته الذي يُحَبُّ غاية الحب بغاية الذل، وهذا لا يصلح إلا لله، ومن عبدَ غيرَه واتخذه إلهًا فهو لفساد عمله وقصده، حيثما اتخذ إلهًا فأحبه لذاته، وبذل له غاية الحب بغاية الذل لجهله وضلاله، ولهذا سموا جاهلية إذ كان أصل قصدهم جهلاً لا علمًا.

وكون الشيء مقصودًا ومحبوبًا ومعبودًا ولذيذًا ونحو ذلك لا يثبت له في الحقيقة بحال من فسد إدراكه كالمطعومات، فإنه إذا قيل في الحلاوة واللحم ونحو ذلك: إنه طيب ولذيذ ومحبوب ونافع ونحو ذلك، كان ذلك حقاً، لأن الأبدان الصحيحة تجده كذلك، ولا يندفع ذلك ببغض المريض ووَجْدِه إياه مُرًّا لما خالطه من المِرَّة الصفراء.

وكذلك من تلذذ بأكل الطين وغيره من الخبائث لفساد مزاجه، لم يمنع ذلك أن يقال: هذا غير طيب ولا لذيذ ولا مطلوب ولا مراد ولا محبوب، ولأجل هذا إنما حُمد من ذلك ما كان لله.

وجاء في الأحاديث من مدح المتحابين لله والتحابِّ في الله ما هو


(١) سورة الحجر: ٧٢.