وقتها بحال ولا لسبب من الأسباب، كما تؤخَّر الظهرُ [إلى العصر]، والمغربُ إلى العشاء للعذر، ولهذا خصَّهما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله:"من أدرك ركعةً من الفجر قبل أن تطلع الشمسُ فقد أدرك، ومن أدرك ركعةً من العصر قبلَ أن تَغْرُب الشمسُ فقد أدرك"، إذْ سائر الصلوات لا تحتاج إلى مثل هذا. فهذه صلاة النهار لا تؤخَّر إلى الليل، وتلك صلاة ليلٍ من بعض الوجوه لأجل الجهر فيها، وصلاة نهارٍ من بعض الوجوه لكونها بعد طلوع الفجر، وإن كانت معدودةً من صلوات النهار كما قد نصَّ عليه أحمد وغيرُه، لكن فيها شَبَهٌ من صلاة الليل. وذلك أن لفظ "الليل""والنهار" فيهما اشتراكٌ، فقد يُراد في الشريعة بالنهار ما أولُه طلوع الفجر، كقوله:(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ)(١) الطرف الأول فيه صلاة الفجر، وهذا هو المعروف في باب الصيام، إذ [إنا] نصوم النهارَ ونقوم الليلَ، فصيامُ النهار أولُه طلوع الفجر، وقيامُ الليل ينتهى بطلوع الفجر. وقد يُراد بالنهار ما أولُه طلوع الشمس، كما يجيئ في الحديث: فعلَ كذا نصفَ النهار، ولما انتصفَ النهار، وقبلَ نصفِ النهار، فأراد نصف النهار الذي أوله طلوع الشمس، إذ زوالُ الشمس مُنتصَفُ هذا النهار، لا مُنتصَف النهار الذي أوله طلوع الفجر.
فلهذا كان وقت الفجر فيه اشتراكٌ بين الليل والنهار، وإن كانت الفجر معدودةً من صلوات النهار، وهذا مما قيل في معنى توسُّطِها، قالوا: لأنها بين صلاتَي الليل وصلاتَيْ نهار، وهو معنًى مناسبٌ، لكن العصر أحقُّ بالتوسُّط كما دلَّ عليه الأحاديث، وكما قال من قال من