للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلف لمن سأله عن ذلك وقيل له، فأومأ بأصابعه، فأشار بالخِنْصر وقال: هذه الفجر، وأشار إلى البنْصِر وقال: هذه الظهر، وأشار بالوسطى إلى العصر وقال: هذه العَصر، وأشار إلى المغرب وقال: هذه السبَّاحة، ولأنها وتْرٌ، والسبَّاحة تُشِير بالتوحيد، وأشار إلى الإبهام وقال: هذه العشاء. وهذا صحيح، فإن أوَّل الصلوات هي الفجر، وهي ركعتان، لتنتقلَ النفسُ منها على التدريج إلى ما هو أكثر منها، ولهذا قدَّمَها في الترتيب بعض المصنِّفين، وذلك أحسنُ ممن قدَّم الظهر، فإن الذين قدَّموا الظهرَ اتَّبعُوا ما فعلَه جبريلُ والنبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حينَ أمَّه وأقامَ له مواقيتَ الصلوات. والذين قدَّموا الفجرَ تَبِعُوا فيها الأحاديث الثابتة الصحيحة، مثل حديث بُرَيدة (١) وأبي موسى (٢) وحديث ابن عمرو (٣) وأبي هريرة (٤) -إن ثبتَ-، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدأ فيها بالفجر في قوله وفعلِه.

وأما تسمية الظهر الأولى فليس هو تسمية سنةٍ عنه عليه السلام، وإنما هو قول بعض السلف، كما في الصحيح (٥) عن أبي بَرْزَة أنه قال:


(١) أخرجه مسلم (٦١٢)
(٢) أخرجه مسلم (٦١٤).
(٣) أخرجه مسلم (٦١٢).
(٤) أخرجه الترمذي (١٥١) من طريق محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. قال الترمذي: سمعت محمدا (أي البخاري) يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصحُّ من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن الفضيل.
(٥) البخاري (٥٤٧) ومسلم (٦٤٧).