للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّ في القرآن مع النصوص المطلقة في آناء الليل والطرف الثاني أكثر مما فيه من إطلاقِ قوله: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) (١)، وقوله: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) (٢). والسنة والآثار دلَّت على الوقت المشترك، ولم تدلَّ سنّةٌ على الصلاة بغير فاتحة، فَعُلِمَ أن الكتاب والسنة وآثار الصحابة تَدُلُّ على أن الأوقات في حقّ المعذور ثلاثةٌ، وأنّ ذلك لم يُعارِضْه دليل شرعيٌّ أصلاً، وما قُدِّر معارضًا له فالإيجاب به أضعفُ من الإيجاب بما دلَّ على الفاتحة والتكبير.

وقوله تعالى: (وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ) (٣) وقوله: (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) (٤) كان مطلقًا، دلَّ على أن جميع الليل وقتٌ في الجملة للصلاة، كما كان الطرف الثاني وقتًا للصلاة، وأن النصف الثاني من الليل كما بعد الاصفرار، ليس لأحدٍ أن يُؤخِّر إليه العشاء مع الاختيار. وأما الحائض إذا طَهُرتْ والمجنون إذا أفاقَ والكافر إذا أسلم والنائم إذا استيقظ والناسي إذا ذكرَ فيُصلُّون المغرب والعشاء، كما كانوا يُصلُّون الظهرَ والعصرَ قبل الغروب، كما قال أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم، وهو قول الجمهور.


(١) سورة المزمل: ٨.
(٢) سورة المزمل: ٢٠.
(٣) سورة طه: ١٣٠.
(٤) سورة هود: ١١٤.