للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصر ركعتين قال له ذو اليدين: أَقُصِرت الصلاة يا رسولَ الله أم نسيتَ؟ وقال: "لم أنسَ ولم تُقصَر الصلاة"، قال: بل نسيتَ يا رسول الله، قال: "أَكما يقول ذو اليدين؟ "، قالوا: نعم، الحديث. فلما أقرَّه على قوله: أقُصِرت الصلاةُ أم نسيتَ، وقال: لم أنسَ ولم تُقصَر، ولم يقل: كيف تُقصَر ولم آمُرْكم بنية القصر= دلَّ على أنه كان ممكنًا أن يَقصُر من غير أن ينوي القصر.

وأيضًا فيقال: الجامع إن كان مصلِّيًا للصلاة في وقتها الذي يجوز فعلُها فيه فقد جاز، سواء نوى الجمعَ أو لم يَنوِهِ، وإن لم يكن وقتها فمجرد النية لا يُبيح الصلاةَ في غيرِ وقتِها، ولهذا لو نَوى الجمعَ حيثُ لا يجوز لم تُفِدْه النيةُ شيئًا، فإذا قُدّر أن المصلّي بعرفةَ صلَّى الظهر، ولم يَخطُر بقلبه إذ ذاك أنه يُصلّي معها العصر، فمعلومٌ أن ما بعد صلاةِ الظهر هو وقت العصر في حقه، فلا فرقَ بين أن يُصلِّيها في ذلك الوقت مع نيته ذلك عند صلاة الظهر أو لا، وأيُّ تأثير للجواز إذا نَوى ذلك عند صلاة الظهر؟ وكذلك من يجوز له أن يصلي العشاء مع المغرب للمطر فأيُّ تأثيرٍ لنيته في ذلك عند صلاة المغرب؟

ثم هذا الشرط يُكدِّرُ مقصودَ الرخصة، فإن الناس متلاحقون بعد شروع الإمام، ولا يعرفون أنه نوى الجمعِ، فلو لم يجز الجمعُ إلا لمن نواه فاتَ كثيرًا منهم رخصةُ الجمع، أو لزِمَ أن يُوكِّلَ الإمامُ من يقول لكلّ من يدخل: انْوِ الجمعَ. وهذا مع ما فيه من البدعة والحرج المتيقن بالشرع ففيه إبطال الصلاة في الجماعة على ذلك المُعْلِم.

وكذلك الموالاة بين الصلاتين، وقد أوجبها الشافعي ومن وافقه