المستأجر هو الحبّ فإن المستأجر هو الذي يَعمل في الأرض حتى يَحصُلَ له الحب، بخلاف المشتري، فإنه يشتري حَبًّا مجردًا، وعلى البائع تمامُ خدمتِه حتى يستحصِدَ.
وكذلك نهيُه عن بيع العنبِ حتى يَسْوَدَّ (١)، ليس نهيًا عن أن يأخذ الشجر، فيقوم عليها ويَسقيها حتى تُثْمِر، وإنما النهي لمن اشترى عِنَبًا مجرَّدًا، وعلى البائع خدمتُه حتى يكتملَ صلاحُه، كما يفعلُه المشترون للأعناب التي تُسمَّى الكُرُوم. ولهذا كان هؤلاء لا يبيعونَها حتى يبدوَ صلاحُها، بخلاف التضمين.
الوجه الثاني: أن المزارعة على الأرض كالمساقاة على الشجر، وكلاهما جائزٌ عند فقهاء الحديث، كأحمد وغيره مثل ابن خزيمة وابن المنذر، وهي أيضًا عند ابن أبي ليلى وأبي يوسف ومحمد وعند الليث ابن سعدٍ وغيرهم من الأئمة جائز، كما دلَّ على جواز المزارعة سنةُ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإجماعُ الصحابة من بعدِه.
والذين نَهَوا عنها ظنُّوا أنها من باب الإجارة، فتكون إجارةً بعوضٍ مجهول، وذلك لا يجوز. وأبو حنيفةَ طردَ قياسَه، فلم يُجوِّزْها بحال.
وأما الشافعي فاستثنى ما تَدعُو إليه الحاجةُ، كالبياض إذا دخلَ تبعًا للشجرِ في المساقاة. وكذلك مالك، لكن رَاعَى القلةَ والكثرةَ على أصلِه.
وهؤلاء جعلوا المضاربةَ أيضًا خارجةً عن القياس، ظنًّا أنها من