باب الإجارة بعوضٍ مجهول، وأنها جُوِّزتْ للحاجة لأن صاحب النقد لا يُمكِن إجارته.
والتحقيق أن هذه المعاملات هي من باب المشاركات لا من باب المؤاجَرات، فالمضاربة والمساقاة والمزارعة مشاركة، هذا يُشارك بنفع بدنِه، وهذا بنفع مالِه، وما قَسَمَ اللهُ من رِبْحٍ كان بينهما كشَرِيْكي العنَاَن. ولهذا ليس العملُ فيها مقصودًا ولا معلومًا كما يُقصد ويُعلَم في الإجارة، ولو كانت إجارة لوجبَ أن يكون العملُ فيها معلومًا.
لكن إذا قيل: هي جِعالة كان أشبهَ، فإن الجعالةَ لا يكونُ العملُ فيها معلومًا، وكذلك في كل عقد جائزٍ غيرِ لازمٍ، لكن هي جعالة شرطَ فيها للعامل جزءا مما يَحصلُ بعمله. كما إذا قال الأميرُ في الغزوِ: مَن دَلَّ على مالٍ للعدوِّ فله الرُّبُعُ بعد الخمس، أو الثلث بعد الخمس، فإن هذا جائز.
(ومَثَّلَ بغير هذا في جوابه، ثم قال:) والذي نهى عنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بيع الثمرةِ ليس للمشتري في حصوله عمل أصلاً، بل العملُ كفُه على الباَئع، فإذا استأجرَ الأرض والشجر حتى حَصَلَ له ثمرٌ وزرعٌ كان كما إذا استأجر الأرضَ حتى يَحصُل له الزرعُ.
الوجه الثالث: أن الثمرة تجري مجرى المنافع والفوائد في الوقف والعارية ونحوهما، فيجوز أن يقف الشجرَ لينتفعَ أهلُ الوقف بممرِها، كما يقف الأرضَ لينتفع أهلُ الوقف بغَلَّتِها.
(ثم تكلَّم كلامًا طويلاً في المعنى وضربَ أمثلةً، ثم قال:)