للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخلوق، منه بدأ وإليه يعود. ولم يقل أحدٌ منهم: إن القرآن قديم، ولا قالوا: إن كلامه معنى واحد قائم بذاته، ولا قالوا: إن القرآن أو حروفه وأصواته قديمة أزلية قائمة بذات الله، [وإن كان جنس الحروف لم يزل الله متكلمًا بها إذا شاء] (١) بل قالوا: إن حروف القرآن غير مخلوقة، وأنكروا على من قال [ق ٣٤]: إن الله خلق الحروف.

وكان أحمد وغيره من السلف ينكرون على من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق. ويقولون: من قال: هو مخلوق فهو جهمي، ومن قال: غير مخلوق فهو مبتدع. فإن اللفظ يُراد به مصدر لفظ يلفظ لفظًا، ويُراد باللفظ الملفوظ به، وهو نفس الحروف المنطوقة.

وأما أصوات العباد ومداد المصاحف فلم يتوقف أحد من السلف في أن ذلك مخلوق، وقد نصَّ أحمد على أن أصوات القارئ صوت العبد، وكذلك غير أحمد من الأئمة، وقال أحمد: «من قال: لفظي بالقرآن مخلوق ــ يريد به القرآن ــ فهو جهمي» (٢).

والإنسان وجميع حركاته وأفعاله وأصواته مخلوقة، وجميع صفاته مخلوقة، فمن قال عن شيء من صفاته: إنها [غير] مخلوقة أو قديمة فهو مخطئ ضال.

ومن قال عن شيء من كلام الله أو صفاته: إنه مخلوق فهو مخطئ


(١) ما بين المعكوفين من (ف).
(٢) انظر «السنة»: (٧/ ٧٢) للخلال.