للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحينئذٍ فالغلاء بارتفاع الأسعار والرُّخص بانخفاضها، هما (١) من جملة الحوادث التي لا خالق لها إلا الله وحده، ولا يكون شيءٌ منها إلا بمشيئته وقدرته، لكن هو سبحانه قد جعل بعضَ أفعال العباد سببًا في بعض الحوادث، كما جعل [قتل] القاتل سببًا في موت المقتول، وجعل ارتفاع الأسعار قد يكون بسبب ظلم بعض العباد، وانخفاضها قد يكون بسبب إحسان بعض الناس، ولهذا أضاف من أضاف من القدريَّة المعتزلة وغيرهم الغلاءَ والرخصَ إلى بعض الناس، وبنوا ذلك على أصولٍ فاسدة.

أحدها: أنَّ أفعال العباد ليست مخلوقة لله.

والثاني: أنَّ ما يكون فعل العبد سببًا له، يكون العبد هو الذي أحدثه.

والثالث: أنّ الغلاء والرُّخْص إنما يكون بهذا السبب.

وهذه أصول باطلة، فإنه قد ثبت (٢) أنّ الله خالق كلّ شيء من أفعال العباد وغيرها، ودلت على ذلك الدلائل الكثيرة السمعية [والعقلية]، وهذا متفق عليه من السلف والأئمة، وهم مع ذلك يقولون: إن العباد لهم قدرة ومشيئة، وأنهم فاعلون لأفعالهم، ويثبتون ما خلقه الله من الأسباب، وما خلق له (٣) من الحِكَم.


(١) الأصل: «وهما»، والمثبت من (ف).
(٢) في الأصل زيادة «في الصحيح» وليست في (ف). ولعلها مقحمة، والسياق يدل على ذلك.
(٣) (ف): «الله».