للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومسألة القدر مسألةٌ عظيمة ضلَّ فيها طائفتان من الناس (١):

طائفة أنكرت أنَّ الله تعالى خالق كلِّ شيء، أو أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، كما أنكرت ذلك المعتزلة. وطائفة أنكرت أن يكون العبد فاعلًا لأفعاله، أو أن يكون له قدرة لها تأثير في مقدورها، أو أن يكون في المخلوقات ما هو سببٌ لغيره، أو أن يكون الله خلق شيئًا لحكمة، كما أنكر ذلك الجهم بن صفوان [ق ٤٥] ومن اتبعه من المُجْبرة الذين ينتسب كثيرٌ منهم إلى السُّنة. فالكلام على هذه المسألة مبسوط في مواضع أخر.

وأما (٢) الثاني: وهو أنّ ما كان فِعْلُ العبد أحدَ أسبابه، كالشبع والرِّي الذي يكون بسبب الأكل، وزهوق النفس الذي يكون بسبب القتل، فهذا قد جعله أكثر المعتزلة فعلًا للعبد، والجبرية لم يجعلوا لفعل العبد فيه [تأثيرًا، بل ما] (٣) تيقّنوا أنه سبب، قالوا: إنه عنده لا به. وأما السلف والأئمة فلا يجعلون للعبد فعلًا (٤) لذلك كفعله لِمَا قام به من الحركات، ولا يمنعون أن يكون مشاركًا أسبابه، وأن يكون الله جعل فعل العبد مع غيره أسبابًا في حصول مثل ذلك.


(١) كتب أولًا «المسلمين» ثم ضرب عليها.
(٢) تكررت في الأصل.
(٣) العبارة في الأصل: «الفعل للعبد فيه ناسا بل»! والتصحيح من (ف).
(٤) (ف): «يجعلون العبد فاعلًا».