للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: ٣٩].

ولكن هذا [ق ٥٣] مما استشكله كثير من الناس، وقالوا: الموت عَرَض، والأعراض لا تنقلب أجسامًا، قالوا: لأن الأجناس لا تنقلب، فلا تنقلب الحركة طعمًا، والطعم لونًا، ولكن الأجسام في قولهم جنسٌ واحدٌ، فلهذا ينقلب بعضها إلى بعض، كانقلاب الماء ملحًا ورمادًا، قالوا: وإنما تتبدَّل (١) الأعراض، وأما الأجسام فهي مركبة عندهم من جواهر منفردة متماثلة.

وأنكر ذلك على هؤلاء غيرُهم، وقال: ما ذكرتموه خطأ في المعقول والمنقول، فإنّ الصواب أن الأجسام أجناس مختلفة كالأعراض، وليس حقيقة الذوات كحقيقة الماء، وأن الله سبحانه يقلب الجنس إلى الجنس الآخر؛ كما يقلب الهواء ماء، والماء هواء، والنار هواء، والهواء نارًا، والتراب ماء، والماء ترابًا، وكما يقلب المنيّ عَلَقة، والعَلَقة مُضْغة، والمضغة عظامًا، وكما يقلب الحبة شجرة، وكما يقلب ما يخرج من الشجر ثمرًا. فهو سبحانه يخلق من الأعراض أجسامًا كما ورد بذلك النصوص في مواضع، كقوله عليه السلام: «اقرؤوا القرآن، اقرؤوا البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو (٢)


(١) الأصل: «تقيدل».
(٢) سقطت «أو» من الأصل.