للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعبان ثلاثين، وجبَ عليهم الصوم باتفاق العلماء أئمة الإسلام، ولا يجب الصيام قبل ذلك عند عامّة السلف والخلف، لا في الغيم ولا في الصحو.

والإمامُ أحمد لم يكن يوجب الصيام ليلةَ الغيم، ولكن استحبّ ذلك اتباعًا لابن عمر وغيره من الصحابة، ولكن أوجب صيامَه طائفةٌ من أصحابه، وهذا القول لم يُنْقَل عن أحدٍ من السلف. وآخرون من أصحابه نهوا عن صيامه نهي تحريم أو تنزيه، كأبي الخطاّب وابن عقيل وأبي القاسم بن منده وغيرهم، وهذه رواية ثانية (١) عنه. وهذا قول مالك والشافعي.

وكثير من الصحابة والتابعين والعلماء كانوا يصومون يوم الغيم على طريق الاحتياط لا على طريق الإيجاب. ومذهب مالكٍ وأبي حنيفة: يجوز صوم يوم الشك مع الصحو والغيم. وكثير منهم ينهى عن صومه في الصحو والغيم، وكثير منهم كان يصومه في الغيم دون الصحو، وهو المشهور عن أحمد، وعنه رواية أخرى: أنه لا يصوم إلا مع الناس، وقال: لا يصوم وحده لكن يصوم مع الجماعة، يدُ الله على الجماعة. وهذه الرواية أظهر؛ لما في السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون» (٢).


(١) الأصل: «ثابتة» تحريف.
(٢) أخرجه الترمذي (٦٩٧)، والدارقطني (٢١٨٠)، والبيهقي (٤/ ٢٥٢) وغيرهم. من طريق عثمان بن محمد، عن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: حسن غريب. ورواه أبو داود (٢٣٢٤) من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة، ورواه ابن ماجه (١٦٦٠) عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وفي إسناده اضطراب. وانظر «تنقيح التحقيق»: (٣/ ٢٢٥ ــ ٢٢٧) لابن عبد الهادي.