للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العباد هي القدر والشرع، ولا يفرق بين القدر والمقدور، والشرع والمُشَرَّع، فإنّ الشرع (١) الذي هو أمْرُ الله (٢) ونهيه غير مخلوقٍ، وأما الأفعال المأمور بها والمنهي عنها فلا ريب أنها مخلوقة، وكذلك قَدَر الله الذي هو علمه ومشيئته وكلامه غير مخلوق، وأما المقدَّرات والآجال والأرزاق والأعمال فكلها مخلوقة. وقد بُسِط الكلام على هذه الأقوال وقائليها في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا أن نبين أن الإمام أحمد ومَن قَبله من أئمة السنة ومن اتبعه كلهم بريئون من الأقوال المبتدعة المخالفة للشرع والعقل، فلم يقل أحدٌ منهم إن القرآن قديم، لا معنى قائم بالذات، ولا أنه تكلم به في القِدَم بحرفٍ وصوتٍ قديمين، ولا تكلم به في القدم بحرفٍ قديم. لم يقل أحد [ق ٦٨] منهم لا هذا ولا هذا، وإنما الذي اتفقوا عليه: أن كلام الله منزَّل غير مخلوق، وأنَّ الله لم يزل متكلِّمًا إذا شاء، فكلام الله لا نهايةَ له، وهو بمعنى أنه لم يزل متكلمًا بمشيئته، لا بمعنى أن الصوت المعين قديم، كما قا ل تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩] الآية، كما قد بَسَطتُ الكلامَ (٣) على


(١) «فإن الشرع» تكررت في الأصل.
(٢) بعده في الأصل «به» خطأ.
(٣) العبارة في (ف) بعد الآية: «وهو قديم بمعنى أنه لم يزل الله متكلمًا بمشيئته لا بمعنى أن الصوت المعين قديم، كما بسطت ... ». وانظر المجلد الثاني عشر من «مجموع الفتاوى- القرآن كلام الله».