للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلاف أهل الأرض في كلام الله.

فمنهم من يجعله فيضًا من العقل الفعَّال في النفوس، كقول طائفة من الصابئة والفلاسفة، وهو أفسد الأقوال. ومنهم من يقول: هو مخلوق خَلَقه بائنًا (١) عنه، كقول الجهمية والنجَّارية (٢) والمعتزلة. ومنهم من يقول: هو معنى قديم قائم بالذات، كقول ابن كُلَّاب الأشعري. ومنهم من يقول: هو حروف وأصوات قديمة كقول ابن سالم (٣) [وطائفة. ومنهم من يقول: تكلم بعد أن لم يكن متكلمًا، كقول ابن كرَّام وطائفة] (٤).

والصواب من هذه الأقوال قول السلف والأئمة كما قد بسطتُ ألفاظهم في غير هذا الموضع.

ولما ظهرت المحنة كان أهل السنة يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق. وكانت الجهمية من المعتزلة وغيرهم يقولون: إنه مخلوق.

وكان أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب القطان له فضيلة ومعرفة ردّ [بها] على الجهمية والمعتزلة نُفاة الصفات، وبيَّن أنّ الله نفسَه فوق


(١) غير محررة في الأصل.
(٢) الأصل: «البخارية» تحريف. والنجارية نسبةً إلى الحسين بن محمد النجّار، وهي إحدى فرق الجبرية. انظر «اختلاف الإسلاميين» (ص ١٣٥ ــ ١٣٦).
(٣) يعني: أبا الحسن بن سالم، وهو من تنسب إليه طائفة السّالمية، انظر «مجموع الفتاوى»: (٥/ ٤٨٣).
(٤) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، والاستدراك من (ف).