للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرش، وبَسَط الكلام في ذلك، ولم يتخلص من شبهة الجهمية كلّ التخليص، بل ظنّ أن الربّ لا يتصف بالأمور الاختيارية التي تتعلق [بقدرته ومشيئته، فلا يتكلم] (١) بمشيئته وقدرته، ولا يحب العبد ويرضى عنه بعد إيمانه وطاعته، ولا يغضب عليه ويسخط بعد كفره ومعصيته، بل ما زال (٢) محبًّا راضيًا أو غضبان ساخطًا على من علم أنه يموت مؤمنًا أو كافرًا، ولا يتكلم بكلام بعد كلام، وقد قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [آل عمران: ٥٩ ــ ٦٠]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [الأعراف: ١١]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١] [ق ٦٩] وقال تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥]، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٢٨]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد:٤]، وهذا أصل كبير قد بُسط الكلامُ عليه في غير هذا الموضع.

وإنما المقصود هنا التنبيه على مآخذ (٣) اختلاف المسلمين في مثل


(١) ما بين المعكوفين من (ف).
(٢) «ما زال» سقطت من (ف).
(٣) رسمها في الأصل: «ما أخذ».