للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من أعلام الإسلام، وكما دلّ على ذلك صحيح المنقول وصريح المعقول، كما هو مبسوط في موضعٍ آخر.

وكذلك لفظ «الجهة» إن أراد بالجهة أمرًا موجودًا (١) يحيط بالخالق أو يفتقرُ إليه، فكلّ موجود سوى الله فهو مخلوق لله، [و] الله خالق كل شيء، وكل ما سواه مفتقر إليه، وهو غني عن كل ما سواه.

وإن كان [ق ٧٠] مراده أن الله ــ سبحانه ــ فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، فهذا معنى صحيح، سواء عبَّر عنه بلفظ الجهة أو بغير لفظ الجهة.

وكذلك لفظ «الجبر» إذا قال: هذا (٢) العبد مجبورٌ، أو غير مجبورٍ؟ قيل له: إن أردت بالجبر أنه ليس له مشيئة، أو ليس له قدرة، أو ليس له فعل= فهذا باطل، فإن العبد فاعل لأفعاله الاختيارية، وهو يفعلها بقدرته ومشيئته. وإن أراد بالجبر أن الله خالق مشيئته وقدرته وفعله (٣)، فالله خالق ذلك كله.

وكذلك إذا قال: الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟ قيل له: ما تريد بالإيمان؟ أتريد به شيئًا من صفات الله وكلامه كقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٦] وإيمانه الذي دلّ عليه اسمه «المؤمن»، فهذا غير مخلوق، أو


(١) الأصل: «أمرٌ موجود».
(٢) (ف): «هل».
(٣) يعني مشيئة العبد وقدرته وفعله.