للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خيرٌ (١) من أن يصلي الرجلُ وحدَه.

وهذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤمّر الأمير ثم يتبيّن له فيما بعد أنه كان مذنبًا فيعزله، ولا يأمر المسلمين أن يعيدوا ما صلوه خلفه، كما أمَّر أميرًا فلم ينفذ أمره فقال: «ما منعكم أن تنفذوا أمري أو أن تولوا من ينفذ أمري» (٢). وإصراره على ترك تنفيذ (٣) أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يقدح في دينه، ولم [ق ٧٤] يأمرهم بإعادة ما صلوه خلفه. وقد أمَّر الذي أمَر أصحابه بدخول النار فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو دخلوها لما خرجوا منها» (٤) ولم يأمرهم بإعادة ما صلوا. والوليد بن عُقبة بن أبي مُعَيط ولّاه فأنزل الله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] لما أخبره بمنع الذين أرسله إليهم بمنع الصدقة (٥). هذا إن كان معه جماعة يصلي بهم.

وقد أخبر عن الأمراء الذين يكونون بعده أنهم يستأثرون ويظلمون الناس، وأنهم يمنعون الناسَ حقوقَهم ويطلبون حقَّهم، ومع هذا فنهى


(١) العبارة في الأصل: «التي إن لم تصلى ... خيرًا» ولعل صوابها ما أثبت.
(٢) لم أجده.
(٣) الأصل: «شرك يتقيد».
(٤) أخرجه البخاري (٤٣٤٠)، ومسلم (١٨٤٠) من حديث علي رضي الله عنه.
(٥) أخرجه أحمد (١٨٤٥٩)، والبخاري في «الأوسط»: (١/ ٦٠٩ ــ ٦١٠) وغيرهما من حديث الحارث الخزاعي رضي الله عنه. وجوَّد إسناده السيوطي في «الدر المنثور»: (٦/ ٩١)، وله شواهد يتقوى بها.