للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن قتالهم وأمر بالصلاة خلفهم من غير إعادة (١)، حتى إن من كان منهم يؤخِّر الصلاة عن وقتها أمر المسلمين أن يصلوا الصلاة لوقتها، ويصلوا خلفهم ويجعلوها نافلة (٢). فلم يأمر بالثانية لنقض الأولى لكن لتحصيل الجماعة والنهي عن الفرقة.

وقد صلى أصحابه ــ كابن عمر وغيره ــ خَلْف الحجاج بن يوسف، وخلف الخوارج، وخلف المختار ابن أبي عُبيد، وأمثال هؤلاء من أهل البدع والفجور، ولم يُعِد أحدٌ من الصحابة خلفهم، مع أنه قد ثبت في «صحيح مسلم» (٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «سيكون في ثقيف كذّاب ومُبِير». فالكذاب هو المختار، والمبير هو الحجاج، وقد صلى الصحابة خلف هذا وهذا، ولم يأمر أحدٌ من الصحابة بالإعادة.

وقد سنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين الاصطفاف في الصلاة وأمر بإقامة الصف، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاةَ لمن خلفَ الصَّف» (٤)، ورأى رجلًا يصلي وحده خلف الصف، فأمره أن يعيد الصلاة (٥)، ومع هذا


(١) انظر معناه فيما أخرجه مسلم (١٨٤٦) من حديث وائل بن حجر، و (١٨٥٤) من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه مسلم (٦٤٨) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(٣) (٢٥٤٥).
(٤) أخرجه أحمد (١٦٢٩٧)، وابن خزيمة (١٥٦٩)، وابن حبان (٢٢٠٢) من حديث علي بن شيبان رضي الله عنه. حسَّنه الإمام أحمد. نقله في «البدر المنير»: (٤/ ٤٧٤).
(٥) أخرجه أحمد (١٨٠٠٠)، وأبو داود (٦٨٢)، والترمذي (٤٤٨)، وابن ماجه (١٠٠٤) من حديث وابصة رضي الله عنه. قوّاه أحمد وإسحاق، وضعَّفه ابن عبد البر. وانظر «البدر المنير»: (٤/ ٤٧٢ ــ ٤٧٤).