للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يموت لا يسجد لله سجدة قط، فهذا لا يكون قطُّ مسلمًا مقرًّا بوجوبها، فإن اعتقاد الوجوب، واعتقاد أن تاركها يستحق القتل، هذا داعٍ تام إلى فعلها، والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور، فإذا كان قادرًا ولم يفعل قط، عُلِم أن الداعي في حقّه لم يوجد، والاعتقاد التام لعقاب التارك باعث على الفعل، لكن هذا قد يعارضه أحيانًا أمور توجب تأخيرها وترك بعض واجباتها، وتفويتها أحيانًا.

فأما من كان مُصرًّا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك، فهذا لا يكون مسلمًا؛ لكن أكثر الناس (١) يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في «السنن»: حديث عبادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «خمسُ صلوات كتبهنَّ الله على العباد في اليوم والليلة، من حافظ عليهنّ كان له عهدٌ عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهنّ لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له» (٢).

فالمحافظ عليها: الذي يصليها في مواقيتها، كما أمر الله تعالى. والذي (٣) يؤخِّرها أحيانًا عن وقتها، أو يترك واجباتها، فهذا تحت مشيئة


(١) يعني: التاركين للصلاة.
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٦٩٣)، وأبو داود (١٤٢٠)، والنسائي (٤٦١)، وابن ماجه (١٤٠١)، وابن حبان (١٧٣٢)، وغيرهم. والحديث صححه ابن عبد البر وابن حبان وابن الملقن. انظر «البدر المنير»: (٥/ ٣٨٩ ــ ٣٩٢).
(٣) (ف): «والذي ليس ... » والصواب حذف «ليس» ليستقيم السياق.