للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعثمان، فبايعه عليٌّ (١) وعبد الرحمن وسائر الصحابة بيعةَ طَوْعٍ واختيار، بعد مشاورةٍ واتفاق، لا بسوطٍ ولا نوطٍ ولا بذلِ عطاء.

فإن لم يكن عثمان هو الأولى بالخلافة وقدَّموا غيره، كانوا إما جاهلين بحقِّ الأفضل، وإما ظالمين بتولية مَنْ غيرُه أولى بالخلافة، كيف وفي الحديث الذي رواه الحاكم في "صحيحه" (٢): "أنه مَنْ قلَّد رجلاً عملًا على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين".

وقد ثبت بالنصوص المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خير القرون القرن الذي بُعِثْتُ فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (٣).

وهذه القصَّة كانت بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ببضع عشرة سنة، فذلك القرن الأول الذي هو أفضل قرون هذه الأمة، وقدموا عثمان، فإن كانوا مخطئين أو ظالمين كان خيار هذه الأمة مخطئين في الإمامة أو ظالمين فيها.

والرافضة تقول (٤): إنما قدَّموا غيرَه لأحقادٍ جاهلية وأضغان كانت في القلوب عليه لأجل جهاده في سبيل الله. فإن كانوا كذلك فهم من


(١) الأصل: "عليًا".
(٢) "المستدرك": (٤/ ٩٢ - ٩٣) وقد تقدم تخريجه (ص ٢٣١ ــ ٢٣٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٥١) مسلم (٢٥٣٥) وقد سبق (ص ٢٧).
(٤) الأصل: "يقول".