للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعلماء والملوك أو غيرهم في حمده وذمّه، فلا يخلو إما أن يكون المراد به معرفة حقيقة ذلك الرجل عند الله، فهذا لا حاجة بنا إلى معرفته، وقد لا يمكن معرفته. وإما أن يكون المراد حُكْم ما يُذْكَر عنه من أقوال وفعال. فهذا كله معروض على الكتاب والسنة، فما وافقه فهو الحق، وإن كان ذلك القائل فاسقًا أو زنديقًا، وما خالفه فهو الباطل وإن كان ذلك القائل صالحًا بل صدِّيقًا، كما كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول في وصيته: "اقبلوا الحقَّ مِنْ كلّ مَن جاء به وإن كان كافرًا و (١) احذروا زيغة الحكيم" فقالوا: كيف نعرف أن الكافر يقول الحق؟ وأن الحكيم يزيغ؟ (٢) فقال: "إن على الحقّ نورًا" (٣). يريد: أن الحق معه مِنَ البرهان ما يتبين أنه حق، فهذا مقبول من كل قائل.

و (٤) كثير من الناس يزن الأقوال بالرجال، فإذا اعتقد في الرجل أنه معَظَّم قَبِل أقوالَه وإن كانت باطلةً مخالفةً للكتاب والسنة، بل لا يصغي حينئذ إلى مَنْ يردّ (٥) ذلك القول بالكتاب والسنة. بل يجعل صاحبه كأنه


(١) الأصل: "أو".
(٢) الأصل: "الحق تزيغ" ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) أخرجه أبو داود (٤٦١٣)، والحاكم: (٤/ ٤٦٠)، والبيهقي: (١٠/ ٢١٠) وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
(٤) الأصل: "أو".
(٥) الأصل: "يريد" خطأ.